بسم الله الرحمن الرحيم
المسيحية والوثنية :
ثلاثة قرون من الاضطهاد الوثني الشديد للمسيحية. ثلاثة قرون من الاضطهاد الروماني بخاصة. ثلاثة قرون كانت فيها ردة فعل المسيحية قوية عنيفة، لكنها لم تكن تعني أبدا أن هنالك تناقضا كبيرا واضح المعالم بين الطرفين. وعلى الرغم من أن كثيرا من الناس يعتقد بأن هنالك تناقضآ فإن الحقيقة مختلفة جدآ، والمظاهر خادعة مضلة. لقد كانت أشبه بظلم في ذوي القربى. ومثل هذا الظلم أشد مرارة وأشرس وأعمق جرحا وإيلاما. وحقل الدين يضرب لنا أمثلة كثيرة على ظلم ذوي القربى. أليس الصراع الدامي بين البروتستانت والكاثوليك دليلا على ذلك؟ ونحن في دراستنا لتاريخ الأديان اليوم لا نستطيع أن ننكر ما بين المسيحية والوثنية من صلات وثيقة وأواصر متينة، بل إنه يلزمنا ويجب علينا أن نبين كيف أن المسيحية هذه تحدرت من الوثنية وصار لهما انسب واحد وأصل مشترك. وهذا أمر منطقي طبيعي جدا لدى مؤرخ الأديان. فليس هنالك دين منبت الجذور لا يمت بصلة إلى دين آخر. ولقد سبق للمؤرخ الديني الشهير "ألفرد لوازي" أن قال: إنه ليصعب علينا أن نرى دينا مستقلا خالص من العلاقة مع الأديان الأخرى تماما كما يتعذر وجود شعب نقي الدم خالص لم يمتزج بشعوب أخري على مدى التاريخ. بينما يقول العلامة البحاثة في علم الأديان "مركيا ألياد": ليس هناك دين جديد تماما بلغي أو ينسخ كل ما أتى به الدين الذي سبقه. إنه يجدده، ويصهره، ويؤكد أركانه القديمة الجوهرية ". لم يعد يكفي دارس تاريخ الأديان بان أن يشير إلى العلاقة الوثيقة بين الوثنية والمسيحية، بل ينبغي عليه القول: إننا لا نستطيع أن نفهم مسيحيتنا حق الفهم إذا لم نعرف جذورها الوثنية، فقد كان للوثنية قسط وافر في تطور الدين المسيحي، وهو قسط غير مباشر ولا منظور، وإذا صح أن لليهودية تأثيراَ على المسيحية وكانت أساسا جوهرياً لنظرة المسيحية فإن علينا أن ننبه إلى أن اليهودية نفسها أصيبت بالتـأثيرات الوثنية من فارس وبابل وخضعت لنفوذهما عندما كان اليهود في المنفى. غير أن هناك تأثيراً خاصا مباشرا أصاب المسيحية، وهو جوهر موضوعنا. لقد كان للوثنية اليونانية والفارسية هيمنة على المسيحية، وكذلك كان للوثنية ق عموم الشرق. هكذا تألف دين جديد لملم أشتاته من هنا وهناك، وكان كمن يصب خمراً عتيقاً في جرار جديدة. ولربما أننا نحرّف هنا قول إِنجيل لوقا (5: 39): " ليس أحد إذا شرب العتيق يريد للوقت الجديد لأنه يقول العتيق أطيب". وكان مؤرخ الأديان العلامة ارنست رينان قد قال: "إن الدراسات التاريخية للمسيحية وأصولها تثبت أن كل ما ليس له أصل في الإنجيل مقتبس من أسرار الوثنية". ونحن لا نُبالغ إذا قلنا أن مما يُعرف بالأسرار الدينية في المسيحية مستوحى من الأديان الوثنية القديمة
وعلينا أن نقبل بواقع هذا التأثير الوثني كما نقبل- على الأقل- بما يقوله المبشرون المسيحيون عن أديان وميثيولوجيات الشعوب البدائية في أميركا وأوقيانوسيا. ودراسة المسيحية تثبت أن الآلهة الوثنية لم تمت بعد. ولا شك في أن العلامة البلجيكي "فرانز كومون" قد عنى ذلك حين عنون كتابه الشهير حول تاريخ المسيحية بعنوان: " لا جديد تحت الشمس ". وينبغي لنا الآن توضيح السبل التي سلكتها المسيحية والتي أتاحت للوثنية بأن تُساهم هذه المساهمة الكبيرة في تأسيس أركانها. إن أصحاب النقل المباشر وغير المباشر عن الوثنية معروفون. ويجب علينا أن نتذكر دائماً أن معظم الذين آمنوا بالمسيحية في بداياتها لم يكونوا يهودا بل كانوا عبدة أصنام. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن هؤلاء المؤمنين شهدوا فترة عصيبة محتدمة تساعد على تلفيقات كثيرة. ومما لا شك فيه أن هذه المسيحية وضعت المؤمنين بها على دروب الوثنية القديمة. ولعل أهم هذه الدروب الوثنية يتمثل بالإهتمام بالخلاص عن طريق مخلص أو وسيط. أما الذين لفقوا عقيدة الخلاص فليسوا أولئك الكتّاب أو واضعي النظريات الدينية والآراء المجردة المعقدة بل هم سواد الناس من أصحاب الفطنة المتوقدة والمفاهيم البسيطة الساذجة التي كانت توحد بعفوية وصدق غريزي بين مجمل التيارات الدينية في تلك الأيام. إن الخيال الشعبي هو الذي أقام هذا الصرح. أما العلم الديني فقد جارى وداهن وغيّر أركان الدين وعقائده. وهنا أيضاً نستشهد بما قاله "ألفرد لوازي" مؤرخ المسيحية: "إن الأديان تعيش في أعماق الناس، وان حياتهم الخاصة الصاخبة هي التي تعطي هذه الأديان شكلها".
ومسألة التقويم دقيقة مرهفة، فنحن مضطرون إلى السؤال عن حدود الوثنية التي نجدها في المسيحية وعن أنواعها وصورها. إننا إذا قارنا بين المسيحية والوثنية فإننا لن نجد تطابقآ كاملاً أو دائمآ. وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن بعض الخلافات والفروقات قائمة بالضرورة. ولربما يقول من يقول بأن المسيحية أخذت الشكل الظاهري فقط من تلك الفترة الدينية. وإن ذلك أمر طبيعي جداً، ما دام جوهرها الحق مغايراً لمظهرها الوثني، لكن من السهل علينا أن نرد عليه بأنه ليس هناك من دين ينسخ نسخاً كاملاً، أو ينقل عن الدين الوثني الأخر نقلاً منتظماً حرفياً شاملاً. إننا لم نلحظ ذلك في تاريخ الأديان. وعلينا أن ننبه هنا إلى أن العمل الباطني للتصورات والمفاهيم الشعبية هو الذي بدل الأعماق الدينية للمسيحية المعاصرة وجددها. وإذن فإنه من غير المجدي إِضاعة الوقت في مناقشة التفاصيل الصغيرة حين تكون الروح العامة هي المهيمنة. ومن هنا نستطيع القول أن المسيحية بوجهها العام تبدو تلفيقية وثنية، وإنها برغم تنقيحها تبقى تلفيقية. وهنا أُقدم لمحة سريعة لبعض التأثيرات الوثنية الأساسية التي ساهمت في تشكيل هذه الظاهرة الدينية الكبيرة. لقد جاء التأثير الإيراني من الديانة المزدكية الوثنية ومن أسرار معبودهم ميترا. وكان المؤرخ الديني الفرنسي ارنست رينان يرى أن هذا الدين الإيراني كان منافساً خطيرأَ للمسيحية في أيامها. وهناك أيضاً التأثير الفرعوني، خاصة أسرار إيزيس التي كانت حميدة الخصال رفيعة الأخلاق والتي رأى فيها ألكسندر موريه مقدمة للدين المسيحي الذي جاء بعدها ويأتي بعد ذلك التأثير اليوناني، وخاصة منه الأورفية التي تشابه روح المسيحية تشابهاً كبيراً كما ذكر ذلك الكاتب المؤرخ أندريه بولانجيه،
ويضاف إلى الأورفية ديانة ديونيزوس وأسرارها، والفيثاغورية التي ركز بعض العلماء مثل إيزيدور ليفي على تشبيه فيثاغورس بما آلت إليه شخصية المسيح [عليه السلام]. ثم هناك الأفلاطونية التي يعترف بتأثيرها آباء الكنيسة أنفسهم مثل القديس أوغسطين. والمعروف أن الأفلاطونية هي جوهر الميتافيزيقا اليونانية المصرية التي ازدهرت في الإسكندرية، ثم صارت جوهر الميتافيزيقا المسيحية. بعد ذلك نجد الغنوصية الملفقة أصلا. وقد كانت الغنوصية هي التي أدخلت إلى المسيحية كثيراً من الأديان الوثنية الشرقية. وهنا لا بد من القول- على عكس ما يُشاع أو ما يكتبه بعض الكتاب المسيحيين- أن الغنوصية ليست تياراً مسيحياً مهـرطقآ، فهي أقدم من المسيحية، وليست بالتالي تياراً منها، أو هرطقة. بل إن العكس صحيح، فإنجيل يوحنا أصلا هو نقل للفكر الغنوصي، بل هو غنوصية ذات وجه مزدكي إيراني، خاصة حين يتحدث عن صراع نور الكلمة مع الظلمات، أو صراع الحق مع الكذب. ثم إن بولس نفسه استعار واستخدم الكثير من اللغة الغنوصية، وإن كان قد صاغها بطريقة مغايرة. في المقابل، لا بد لنا نحن المؤرخين من أن نقول ما قد يثير اعتراض المعترضين ونعترف بأن الكنيسة لم تظهر عداءها التام للوثنية، فقد كانت الكنائس تُقام على أنقاض المعابد الوثنية، بل كثيرأ ما نجد المسيحيين يكتفون " بتطهير" المعابد القديمة أو إضافة بعض اللمسات عليها من أجل تحويلها إلى كنائس. ومع أن هذا كان يعني انتصارأ مسيحيآ فقد كان أيضآ يشكل شعورأ واعيآ تقريباً بأن جذور الدين الجديد تشتبك مع جذور الدين الوثني الذي سبقه. وإننا لنرى بعض كتاب المسيحية في تلك الفترة مثل أوزيب يكثرون من الاستشهاد بالكتّاب الوثنيين القدامى لمثل تلك الأسباب الواعية تقريباً. وسنرى لاحقآ كيف أن الكنيسة ابتلعت بعض العناصر الوثنية، لكنها أضفت عليها طابعها الخاص، وذلك لاستقطاب ما يمكن استقطابه من عبدة الأصنام، كذلك فإنها بذلك أرادت تعزيز نفسها وابتلاع العقائد القديمة المترسخة، وهذا ما أدى إلى دخول عناصر وثنية جديدة على المسيحية. غير أن نتائج هذه السياسة كانت خطيرة جدأ، وكانت وراء ظهور حركة الإصلاح البروتستانتي.
وأخيرا نجد هذه الوثنية في الفن، كتزيين المقابر بالطواويس والدلافين وشتى أنواع الطيور والأسماك. وقد كانت هذه جميعآ رموزأ وثنية كمثل رموز أورفيوس الذي يذكر غناؤه الساحر بتبشير المسيح أو كرمة ديونيزوس التي تزين القبور. إننا نجد على الأضرحة الحجرية صورة المسيح الذي يظهر بصورة معبود. ولقد ظلت مثل هذه النزعة منتصرة سائدة إلى وقتٍ متأخر كما نجد في عصر النهضة رسومآ لميكائيل انجلو الفنان الإيطالي الشهير، وخاصة ما رسمه على سقف كنيسة السستين كالعرافات الوثنيات اللواتي جئن يتنبأن بظهور المسيح، وفي كاتدرائية "إكس آن بروفانس" نجد صنم المسيح منحوتآ ومحاطاً برموز وثنية كالقمر والشمس، وهو واقف بينهما. إننا قدمنا التأثيرات الوثنية على المسيحية في هذه الإفتتاحية بصورة سريعة عاجلة، لكننا نريد أن نتساءل ونسأل القارىء معنا: هل هنالك من يستطيع دراسة هذا الموضوع بدون تحيز؟ إن هذا صعب جدأ، إذ لطالما أثار هذا البحث حماسة شديدة وردود فعل عنيفة، خاصة وأن البحث ليس علميأ تمامآ، بل يعتمد على قسطٍ من الحدس.
وهنالك قضية أخرى نتساءل عنها وهي إننا هل نستطيع أن نفهم المعنى العميق للأحداث الدينية في العصور القديمة بوضوح وشمولية، خاصة وإن تلك العصور تختلف عن عصرنا اختلافاً كلياً. إننا نلتقي هنا أمام آراء مختلفة جدأ. لهذا فإنني أقول: لماذا لا نعود إلى النصوص الوثنية القديمة ونصوص المسيحيين الأوائل مثل القديس جستين الذي يعترف بوجود أفكار جوهرية متشابهة بين المسيحية والوثنية. لقد كان مثل هؤلاء الكتّاب في وضع أفضل من وضعنا ويستطيعون تقويم الأمور بصورة أفضل. إضافة إلى ذلك فإن بحثنا شديد الصعوبة لأن المسيحيين الأوائل أبادوا بانتظام معظم الكتب الدينية الوثنية. ويكفينا أن نذكر هنا المشهد الشهير في أعمال الرسل حين يذكر القديس بولس كيف أحرق المؤلفات الوثنية في أفسوس اليونانية. ولعل أطرف ما في هذا الموضوع هو أن المؤلفين المسيحيين كمثل أوريجين قد حفظوا لنا معلومات نادرة، بل مختارات من الكتب الوثنية، واستخدموها في دفاعهم. ولا يستطيع عالم تاريخ الأديان، أو الباحث في المقارنة بينها أن يرفض واقع التشابه بين المسيحية والوثنية رفضاً كلياً، ولا ينبغي له أن يتحجج بالإيمان والوحي والحدس المطلق للقول بأن المسيحية لا تشوبها شائبة من الوثنية. لقد وصلت الأمور ببعض الكتّاب المسيحيين إِلى كتابة ادعاءات لا يقبلها العقل أو المنطق فزعم بعضهم مثلاً أن الوثنية السابقة على المسيحية، اختراع جهنمي هدفه محاكاة المسيحية. وبما أن مثل هذا الزعم لا يصح تاريخيا فقد قال المؤرخون المسيحيون أن الشيطان هو الذي كان وراء هذه الفكرة. أغرب من ذلك: أن بعض المؤلفين المسيحيين لم يجدوا حرجاً في القول بأن الشيطان كان قد اخترع الوثنية على غرار المسيحية التي جاءت بعدها اختراعا احتياطيا. وهذا لم يحرج القديس جوستين حين تحدث عن سر القربان المقدس، ولا أزعج كليمان السكندري حين قارن بين الأسرار المسيحية والأسرار الوثنية. وكذلك كان حال فيرميكوس ماتيرنوس حين تحدث عن مجمل ظاهرة الوثنية. ولا شك في أن الوثنيين هم الذين كانوا منتصرين على المسيحيين لمجرد أن لآرائهم التي يقتبسها المسيحيون أسبقية زمانية- بذلك نجد الوثنيين يتهمون المسيحيون بأنهم يقلدون شعائرهم ويحاكونها فقد وقتوا (موت المسيح) وصعوده إلى السماء في الفترة الزمنية التي يحتفلون بها بموت الإله "أتيس". ويعترف اللاهوتيون الكاثوليك في عصرنا- بتسامح- بالأصل الوثني لبعض التعاليم الكنسية، لكنهم يعترفون بذلك في معرض الدفاع عن نقاء المسيحية وتفوقها. هكذا نقرأ في كتاب أحد اللاهوتيين الجدد "هـ. لوكليرك" إننا على علم بتلك النزعة التي لا تعترف بالطابع الأصيل للمسيحية وتحاول أن ترد أصولها إلى الأديان الوثنية. طبعا استعار المؤمنون من هنا وهناك بعض التفاصيل الوثنية أنى وجدوها ". ولهذا الاعتراف من هذا الكاتب الكاثوليكي عواقب خطيرة، فهو يعني أولاً أننا لا نستطيع أن نرفض مسبقا أن لبعض العناصر الدينية المهمة في المسيحية أصولاً وثنية مشتركة، خاصة وأن التجربة تدلنا على أن العدوى التي تكون بسيطة في البداية تصبح مع الزمن جامحة جائحة. وبعض آباء الكنيسة الكاثوليكية يتبنون تفكيرا خطيرا عندما يحاولون أحياناً أن يبرهنوا على جدة المسيحية، فالأب دولاهاي يقول:"إن الطبيعة البشرية التي تتصرف وفقاً لمشاعرها الدينية كافية لتفسير ذلك". والأب الكاثوليكي يقول هذه الجملة بعد اعترافه بتشابه الشعائر المسيحية وشعائر ميترا. أما الكاتب جاكييه فيقول في "معجم علم الآثار المسيحية" ما هو أغرب من ذلك: "إن الشياطين استبقوا الأمر وقلدوا المسيحية في طقوس الأسرار". وإن بؤس هذه الحجة دليل كافٍ لإثبات التأثيرات الوثنية في المسيحية. على أن هناك شخصيات مسيحية تحاول نفي أي تقارب بين الوثنية وبين المسيحية، لا لأسبابٍ فكرية، وإنما لأسباب عاطفية. فذكر الوثنية وحده يقززهم لأنه يوقظ فيهم تاريخ الوثنية البربري كالتضحية بالأطفال للآلهة، أو الدعارة المقدسة، أو صراع الفرسان الدامي... الخ. لكن علينا أن لا ننسى أن الوثنية تغرس جذورها عميقا ما قبل تاريخ الإنسان البربري، بينما ظهرت المسيحية في فترة متأخرة عن ذلك. وهنا يجب أن ننبه إلى أن حروب التفتيش التي شنتها الكنيسة الكاثوليكية على المسلمين لم تكن أقل بربرية، وكذلك الأمر في الحروب الدامية بين البروتستانت والكاثوليك. ويبقى السؤال: لماذا انتصرت المسيحية إذن وهي تحمل كل هذه العناصر الوثنية؟. إن العنصر الجديد الذي جاءت به كان شديد الأهمية للفقراء يومها، وهو أن "المخلص الإله كان نصف آله ونصف إنسان، وإنه اختلط بباقي الناس، وتعذب من أجلهم. ثم إنه كان إلهاً شاملا ولم يكن إلها محليا قوميا كآلهة الفرس أو اليونان ".
أخوكم فى الله أبو الفنون المغربى abu_alfonon@live.nl
المسيحية والوثنية :
ثلاثة قرون من الاضطهاد الوثني الشديد للمسيحية. ثلاثة قرون من الاضطهاد الروماني بخاصة. ثلاثة قرون كانت فيها ردة فعل المسيحية قوية عنيفة، لكنها لم تكن تعني أبدا أن هنالك تناقضا كبيرا واضح المعالم بين الطرفين. وعلى الرغم من أن كثيرا من الناس يعتقد بأن هنالك تناقضآ فإن الحقيقة مختلفة جدآ، والمظاهر خادعة مضلة. لقد كانت أشبه بظلم في ذوي القربى. ومثل هذا الظلم أشد مرارة وأشرس وأعمق جرحا وإيلاما. وحقل الدين يضرب لنا أمثلة كثيرة على ظلم ذوي القربى. أليس الصراع الدامي بين البروتستانت والكاثوليك دليلا على ذلك؟ ونحن في دراستنا لتاريخ الأديان اليوم لا نستطيع أن ننكر ما بين المسيحية والوثنية من صلات وثيقة وأواصر متينة، بل إنه يلزمنا ويجب علينا أن نبين كيف أن المسيحية هذه تحدرت من الوثنية وصار لهما انسب واحد وأصل مشترك. وهذا أمر منطقي طبيعي جدا لدى مؤرخ الأديان. فليس هنالك دين منبت الجذور لا يمت بصلة إلى دين آخر. ولقد سبق للمؤرخ الديني الشهير "ألفرد لوازي" أن قال: إنه ليصعب علينا أن نرى دينا مستقلا خالص من العلاقة مع الأديان الأخرى تماما كما يتعذر وجود شعب نقي الدم خالص لم يمتزج بشعوب أخري على مدى التاريخ. بينما يقول العلامة البحاثة في علم الأديان "مركيا ألياد": ليس هناك دين جديد تماما بلغي أو ينسخ كل ما أتى به الدين الذي سبقه. إنه يجدده، ويصهره، ويؤكد أركانه القديمة الجوهرية ". لم يعد يكفي دارس تاريخ الأديان بان أن يشير إلى العلاقة الوثيقة بين الوثنية والمسيحية، بل ينبغي عليه القول: إننا لا نستطيع أن نفهم مسيحيتنا حق الفهم إذا لم نعرف جذورها الوثنية، فقد كان للوثنية قسط وافر في تطور الدين المسيحي، وهو قسط غير مباشر ولا منظور، وإذا صح أن لليهودية تأثيراَ على المسيحية وكانت أساسا جوهرياً لنظرة المسيحية فإن علينا أن ننبه إلى أن اليهودية نفسها أصيبت بالتـأثيرات الوثنية من فارس وبابل وخضعت لنفوذهما عندما كان اليهود في المنفى. غير أن هناك تأثيراً خاصا مباشرا أصاب المسيحية، وهو جوهر موضوعنا. لقد كان للوثنية اليونانية والفارسية هيمنة على المسيحية، وكذلك كان للوثنية ق عموم الشرق. هكذا تألف دين جديد لملم أشتاته من هنا وهناك، وكان كمن يصب خمراً عتيقاً في جرار جديدة. ولربما أننا نحرّف هنا قول إِنجيل لوقا (5: 39): " ليس أحد إذا شرب العتيق يريد للوقت الجديد لأنه يقول العتيق أطيب". وكان مؤرخ الأديان العلامة ارنست رينان قد قال: "إن الدراسات التاريخية للمسيحية وأصولها تثبت أن كل ما ليس له أصل في الإنجيل مقتبس من أسرار الوثنية". ونحن لا نُبالغ إذا قلنا أن مما يُعرف بالأسرار الدينية في المسيحية مستوحى من الأديان الوثنية القديمة
وعلينا أن نقبل بواقع هذا التأثير الوثني كما نقبل- على الأقل- بما يقوله المبشرون المسيحيون عن أديان وميثيولوجيات الشعوب البدائية في أميركا وأوقيانوسيا. ودراسة المسيحية تثبت أن الآلهة الوثنية لم تمت بعد. ولا شك في أن العلامة البلجيكي "فرانز كومون" قد عنى ذلك حين عنون كتابه الشهير حول تاريخ المسيحية بعنوان: " لا جديد تحت الشمس ". وينبغي لنا الآن توضيح السبل التي سلكتها المسيحية والتي أتاحت للوثنية بأن تُساهم هذه المساهمة الكبيرة في تأسيس أركانها. إن أصحاب النقل المباشر وغير المباشر عن الوثنية معروفون. ويجب علينا أن نتذكر دائماً أن معظم الذين آمنوا بالمسيحية في بداياتها لم يكونوا يهودا بل كانوا عبدة أصنام. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن هؤلاء المؤمنين شهدوا فترة عصيبة محتدمة تساعد على تلفيقات كثيرة. ومما لا شك فيه أن هذه المسيحية وضعت المؤمنين بها على دروب الوثنية القديمة. ولعل أهم هذه الدروب الوثنية يتمثل بالإهتمام بالخلاص عن طريق مخلص أو وسيط. أما الذين لفقوا عقيدة الخلاص فليسوا أولئك الكتّاب أو واضعي النظريات الدينية والآراء المجردة المعقدة بل هم سواد الناس من أصحاب الفطنة المتوقدة والمفاهيم البسيطة الساذجة التي كانت توحد بعفوية وصدق غريزي بين مجمل التيارات الدينية في تلك الأيام. إن الخيال الشعبي هو الذي أقام هذا الصرح. أما العلم الديني فقد جارى وداهن وغيّر أركان الدين وعقائده. وهنا أيضاً نستشهد بما قاله "ألفرد لوازي" مؤرخ المسيحية: "إن الأديان تعيش في أعماق الناس، وان حياتهم الخاصة الصاخبة هي التي تعطي هذه الأديان شكلها".
ومسألة التقويم دقيقة مرهفة، فنحن مضطرون إلى السؤال عن حدود الوثنية التي نجدها في المسيحية وعن أنواعها وصورها. إننا إذا قارنا بين المسيحية والوثنية فإننا لن نجد تطابقآ كاملاً أو دائمآ. وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن بعض الخلافات والفروقات قائمة بالضرورة. ولربما يقول من يقول بأن المسيحية أخذت الشكل الظاهري فقط من تلك الفترة الدينية. وإن ذلك أمر طبيعي جداً، ما دام جوهرها الحق مغايراً لمظهرها الوثني، لكن من السهل علينا أن نرد عليه بأنه ليس هناك من دين ينسخ نسخاً كاملاً، أو ينقل عن الدين الوثني الأخر نقلاً منتظماً حرفياً شاملاً. إننا لم نلحظ ذلك في تاريخ الأديان. وعلينا أن ننبه هنا إلى أن العمل الباطني للتصورات والمفاهيم الشعبية هو الذي بدل الأعماق الدينية للمسيحية المعاصرة وجددها. وإذن فإنه من غير المجدي إِضاعة الوقت في مناقشة التفاصيل الصغيرة حين تكون الروح العامة هي المهيمنة. ومن هنا نستطيع القول أن المسيحية بوجهها العام تبدو تلفيقية وثنية، وإنها برغم تنقيحها تبقى تلفيقية. وهنا أُقدم لمحة سريعة لبعض التأثيرات الوثنية الأساسية التي ساهمت في تشكيل هذه الظاهرة الدينية الكبيرة. لقد جاء التأثير الإيراني من الديانة المزدكية الوثنية ومن أسرار معبودهم ميترا. وكان المؤرخ الديني الفرنسي ارنست رينان يرى أن هذا الدين الإيراني كان منافساً خطيرأَ للمسيحية في أيامها. وهناك أيضاً التأثير الفرعوني، خاصة أسرار إيزيس التي كانت حميدة الخصال رفيعة الأخلاق والتي رأى فيها ألكسندر موريه مقدمة للدين المسيحي الذي جاء بعدها ويأتي بعد ذلك التأثير اليوناني، وخاصة منه الأورفية التي تشابه روح المسيحية تشابهاً كبيراً كما ذكر ذلك الكاتب المؤرخ أندريه بولانجيه،
ويضاف إلى الأورفية ديانة ديونيزوس وأسرارها، والفيثاغورية التي ركز بعض العلماء مثل إيزيدور ليفي على تشبيه فيثاغورس بما آلت إليه شخصية المسيح [عليه السلام]. ثم هناك الأفلاطونية التي يعترف بتأثيرها آباء الكنيسة أنفسهم مثل القديس أوغسطين. والمعروف أن الأفلاطونية هي جوهر الميتافيزيقا اليونانية المصرية التي ازدهرت في الإسكندرية، ثم صارت جوهر الميتافيزيقا المسيحية. بعد ذلك نجد الغنوصية الملفقة أصلا. وقد كانت الغنوصية هي التي أدخلت إلى المسيحية كثيراً من الأديان الوثنية الشرقية. وهنا لا بد من القول- على عكس ما يُشاع أو ما يكتبه بعض الكتاب المسيحيين- أن الغنوصية ليست تياراً مسيحياً مهـرطقآ، فهي أقدم من المسيحية، وليست بالتالي تياراً منها، أو هرطقة. بل إن العكس صحيح، فإنجيل يوحنا أصلا هو نقل للفكر الغنوصي، بل هو غنوصية ذات وجه مزدكي إيراني، خاصة حين يتحدث عن صراع نور الكلمة مع الظلمات، أو صراع الحق مع الكذب. ثم إن بولس نفسه استعار واستخدم الكثير من اللغة الغنوصية، وإن كان قد صاغها بطريقة مغايرة. في المقابل، لا بد لنا نحن المؤرخين من أن نقول ما قد يثير اعتراض المعترضين ونعترف بأن الكنيسة لم تظهر عداءها التام للوثنية، فقد كانت الكنائس تُقام على أنقاض المعابد الوثنية، بل كثيرأ ما نجد المسيحيين يكتفون " بتطهير" المعابد القديمة أو إضافة بعض اللمسات عليها من أجل تحويلها إلى كنائس. ومع أن هذا كان يعني انتصارأ مسيحيآ فقد كان أيضآ يشكل شعورأ واعيآ تقريباً بأن جذور الدين الجديد تشتبك مع جذور الدين الوثني الذي سبقه. وإننا لنرى بعض كتاب المسيحية في تلك الفترة مثل أوزيب يكثرون من الاستشهاد بالكتّاب الوثنيين القدامى لمثل تلك الأسباب الواعية تقريباً. وسنرى لاحقآ كيف أن الكنيسة ابتلعت بعض العناصر الوثنية، لكنها أضفت عليها طابعها الخاص، وذلك لاستقطاب ما يمكن استقطابه من عبدة الأصنام، كذلك فإنها بذلك أرادت تعزيز نفسها وابتلاع العقائد القديمة المترسخة، وهذا ما أدى إلى دخول عناصر وثنية جديدة على المسيحية. غير أن نتائج هذه السياسة كانت خطيرة جدأ، وكانت وراء ظهور حركة الإصلاح البروتستانتي.
وأخيرا نجد هذه الوثنية في الفن، كتزيين المقابر بالطواويس والدلافين وشتى أنواع الطيور والأسماك. وقد كانت هذه جميعآ رموزأ وثنية كمثل رموز أورفيوس الذي يذكر غناؤه الساحر بتبشير المسيح أو كرمة ديونيزوس التي تزين القبور. إننا نجد على الأضرحة الحجرية صورة المسيح الذي يظهر بصورة معبود. ولقد ظلت مثل هذه النزعة منتصرة سائدة إلى وقتٍ متأخر كما نجد في عصر النهضة رسومآ لميكائيل انجلو الفنان الإيطالي الشهير، وخاصة ما رسمه على سقف كنيسة السستين كالعرافات الوثنيات اللواتي جئن يتنبأن بظهور المسيح، وفي كاتدرائية "إكس آن بروفانس" نجد صنم المسيح منحوتآ ومحاطاً برموز وثنية كالقمر والشمس، وهو واقف بينهما. إننا قدمنا التأثيرات الوثنية على المسيحية في هذه الإفتتاحية بصورة سريعة عاجلة، لكننا نريد أن نتساءل ونسأل القارىء معنا: هل هنالك من يستطيع دراسة هذا الموضوع بدون تحيز؟ إن هذا صعب جدأ، إذ لطالما أثار هذا البحث حماسة شديدة وردود فعل عنيفة، خاصة وأن البحث ليس علميأ تمامآ، بل يعتمد على قسطٍ من الحدس.
وهنالك قضية أخرى نتساءل عنها وهي إننا هل نستطيع أن نفهم المعنى العميق للأحداث الدينية في العصور القديمة بوضوح وشمولية، خاصة وإن تلك العصور تختلف عن عصرنا اختلافاً كلياً. إننا نلتقي هنا أمام آراء مختلفة جدأ. لهذا فإنني أقول: لماذا لا نعود إلى النصوص الوثنية القديمة ونصوص المسيحيين الأوائل مثل القديس جستين الذي يعترف بوجود أفكار جوهرية متشابهة بين المسيحية والوثنية. لقد كان مثل هؤلاء الكتّاب في وضع أفضل من وضعنا ويستطيعون تقويم الأمور بصورة أفضل. إضافة إلى ذلك فإن بحثنا شديد الصعوبة لأن المسيحيين الأوائل أبادوا بانتظام معظم الكتب الدينية الوثنية. ويكفينا أن نذكر هنا المشهد الشهير في أعمال الرسل حين يذكر القديس بولس كيف أحرق المؤلفات الوثنية في أفسوس اليونانية. ولعل أطرف ما في هذا الموضوع هو أن المؤلفين المسيحيين كمثل أوريجين قد حفظوا لنا معلومات نادرة، بل مختارات من الكتب الوثنية، واستخدموها في دفاعهم. ولا يستطيع عالم تاريخ الأديان، أو الباحث في المقارنة بينها أن يرفض واقع التشابه بين المسيحية والوثنية رفضاً كلياً، ولا ينبغي له أن يتحجج بالإيمان والوحي والحدس المطلق للقول بأن المسيحية لا تشوبها شائبة من الوثنية. لقد وصلت الأمور ببعض الكتّاب المسيحيين إِلى كتابة ادعاءات لا يقبلها العقل أو المنطق فزعم بعضهم مثلاً أن الوثنية السابقة على المسيحية، اختراع جهنمي هدفه محاكاة المسيحية. وبما أن مثل هذا الزعم لا يصح تاريخيا فقد قال المؤرخون المسيحيون أن الشيطان هو الذي كان وراء هذه الفكرة. أغرب من ذلك: أن بعض المؤلفين المسيحيين لم يجدوا حرجاً في القول بأن الشيطان كان قد اخترع الوثنية على غرار المسيحية التي جاءت بعدها اختراعا احتياطيا. وهذا لم يحرج القديس جوستين حين تحدث عن سر القربان المقدس، ولا أزعج كليمان السكندري حين قارن بين الأسرار المسيحية والأسرار الوثنية. وكذلك كان حال فيرميكوس ماتيرنوس حين تحدث عن مجمل ظاهرة الوثنية. ولا شك في أن الوثنيين هم الذين كانوا منتصرين على المسيحيين لمجرد أن لآرائهم التي يقتبسها المسيحيون أسبقية زمانية- بذلك نجد الوثنيين يتهمون المسيحيون بأنهم يقلدون شعائرهم ويحاكونها فقد وقتوا (موت المسيح) وصعوده إلى السماء في الفترة الزمنية التي يحتفلون بها بموت الإله "أتيس". ويعترف اللاهوتيون الكاثوليك في عصرنا- بتسامح- بالأصل الوثني لبعض التعاليم الكنسية، لكنهم يعترفون بذلك في معرض الدفاع عن نقاء المسيحية وتفوقها. هكذا نقرأ في كتاب أحد اللاهوتيين الجدد "هـ. لوكليرك" إننا على علم بتلك النزعة التي لا تعترف بالطابع الأصيل للمسيحية وتحاول أن ترد أصولها إلى الأديان الوثنية. طبعا استعار المؤمنون من هنا وهناك بعض التفاصيل الوثنية أنى وجدوها ". ولهذا الاعتراف من هذا الكاتب الكاثوليكي عواقب خطيرة، فهو يعني أولاً أننا لا نستطيع أن نرفض مسبقا أن لبعض العناصر الدينية المهمة في المسيحية أصولاً وثنية مشتركة، خاصة وأن التجربة تدلنا على أن العدوى التي تكون بسيطة في البداية تصبح مع الزمن جامحة جائحة. وبعض آباء الكنيسة الكاثوليكية يتبنون تفكيرا خطيرا عندما يحاولون أحياناً أن يبرهنوا على جدة المسيحية، فالأب دولاهاي يقول:"إن الطبيعة البشرية التي تتصرف وفقاً لمشاعرها الدينية كافية لتفسير ذلك". والأب الكاثوليكي يقول هذه الجملة بعد اعترافه بتشابه الشعائر المسيحية وشعائر ميترا. أما الكاتب جاكييه فيقول في "معجم علم الآثار المسيحية" ما هو أغرب من ذلك: "إن الشياطين استبقوا الأمر وقلدوا المسيحية في طقوس الأسرار". وإن بؤس هذه الحجة دليل كافٍ لإثبات التأثيرات الوثنية في المسيحية. على أن هناك شخصيات مسيحية تحاول نفي أي تقارب بين الوثنية وبين المسيحية، لا لأسبابٍ فكرية، وإنما لأسباب عاطفية. فذكر الوثنية وحده يقززهم لأنه يوقظ فيهم تاريخ الوثنية البربري كالتضحية بالأطفال للآلهة، أو الدعارة المقدسة، أو صراع الفرسان الدامي... الخ. لكن علينا أن لا ننسى أن الوثنية تغرس جذورها عميقا ما قبل تاريخ الإنسان البربري، بينما ظهرت المسيحية في فترة متأخرة عن ذلك. وهنا يجب أن ننبه إلى أن حروب التفتيش التي شنتها الكنيسة الكاثوليكية على المسلمين لم تكن أقل بربرية، وكذلك الأمر في الحروب الدامية بين البروتستانت والكاثوليك. ويبقى السؤال: لماذا انتصرت المسيحية إذن وهي تحمل كل هذه العناصر الوثنية؟. إن العنصر الجديد الذي جاءت به كان شديد الأهمية للفقراء يومها، وهو أن "المخلص الإله كان نصف آله ونصف إنسان، وإنه اختلط بباقي الناس، وتعذب من أجلهم. ثم إنه كان إلهاً شاملا ولم يكن إلها محليا قوميا كآلهة الفرس أو اليونان ".
أخوكم فى الله أبو الفنون المغربى abu_alfonon@live.nl
الجمعة يونيو 10, 2011 7:59 am من طرف ابو عامر
» مرحباً بك في المدونات
الأربعاء يناير 06, 2010 9:52 am من طرف صوت الحق
» رحلة فتاة من النصرانية الى الإسلام
الجمعة ديسمبر 25, 2009 1:57 pm من طرف capping
» تكلم الانجليزية مثل الامريكيين
الأحد مارس 08, 2009 12:03 pm من طرف saad1949
» اسئلة في العقيدة .. مهمة لكل مسلم.. (2)
الثلاثاء فبراير 10, 2009 3:49 am من طرف صوت الحق
» اسئلة في العقيدة .. مهمة لكل مسلم..(1)
الثلاثاء فبراير 10, 2009 3:48 am من طرف صوت الحق
» دعوى قضائية تطالب بإلغاء المذهب الأرثوذكسي وعزل شنودة وإحلال بابا الفاتيكان مكانه
السبت ديسمبر 27, 2008 8:04 am من طرف abu alfonon
» كل ما يحتاجه المحاور المسلم:
الإثنين نوفمبر 03, 2008 5:20 pm من طرف abu alfonon
» بــــــــــــرامـــــــج اســــــلامــــيـــــــة.....
الإثنين نوفمبر 03, 2008 12:40 pm من طرف abu alfonon
» الأصول الوثنية للمسيحية!!
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:55 pm من طرف abu alfonon
» عقيدة الصلب والفداء عند النصارى!!
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:49 pm من طرف abu alfonon
» شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح!!(5)
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:30 pm من طرف abu alfonon
» شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح!!(4)
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:27 pm من طرف abu alfonon
» شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح!!(3)
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:21 pm من طرف abu alfonon
» شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح!!(2)
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:17 pm من طرف abu alfonon
» شهادة الأناجيل على بطلان ألوهية المسيح!!¨(1)
الجمعة أكتوبر 31, 2008 4:13 pm من طرف abu alfonon
» شبهة : (فنفخنا فيها من روحنا ) تعني أن المسيح إله!!!!!
الثلاثاء أكتوبر 28, 2008 9:41 am من طرف abu alfonon
» المسيح لم يقول بأنه هو الله .
الإثنين أكتوبر 27, 2008 5:09 pm من طرف abu alfonon
» أين قال يسوع انا الله فأعبدوني ؟
الجمعة أكتوبر 24, 2008 11:27 am من طرف abu alfonon
» ماذا قالوا عن الحبيب صلى الله عليه وسلم ??!!
الإثنين أكتوبر 20, 2008 3:39 pm من طرف abu alfonon
» افعل شيئـًا وانصر إخوانك!!
الإثنين أكتوبر 20, 2008 2:55 pm من طرف abu alfonon
» هل الإسلام دين سلام أم حرب ؟
السبت أكتوبر 11, 2008 3:19 am من طرف abu alfonon